المجلس الحسبي قضية الوراثة تستدعي الحديث كما أثرت بالأمس عن التركة وهو ما يستدعى بدوره إنشاء مجلس حسبي خاص ليبحث هذه التركة وأوضاعها . التركة كما هو واضح هي مصر ، لكن كما ألمحت ليست كاملة كما يطمع الورثة على ما يبدو. فالتركة مرهونة وللورثة فيها كما تري شركاء أقوياء هم بالفعل يملكونها قبلهم ولن يسمحوا لهم الوصول إليها إلا كمجرد موظفين باسمهم يديرونها لحسابهم. والتركة كذلك منقوصة فهناك في الداخل قوي كبيرة سواء حجما أو نفوذا قد حصلت على استقلال فعلي عن الوطن أو علي الأقل عن سلطة الدولة المصرية التي انتهت واقعيا. ولا داعي للحديث عن هذه القوي فهي معروفة وقد ألمحت إليها في المقال السابق، والمحصلة أن هذه القوي لن تعود تحت حكم الدولة المصرية ثانية، بل لن ترجع إلى الساحة المصرية إلا من باب السيطرة أو علي الأقل المشاركة في السلطة والحصول على نصيب كبير جدا في الكعكة.ووراء هذه القوي يقف الغرب وعلي رأسهم أمريكا لكي يساند ويراقب ويتدخل لضمان استمرارية هذا الوضع الجديد. وما يتبقى بعد ذلك من التركة سوف تكون للكتلة الشعبية الضخمة التي تتحول إلى بروليتاريا رثة حسب التعبير الماركسي بعد تفريغها من الطبقة المتوسطة وبعد انتقال الطبقات الغنية الجديدة وانضمامها إلى قوى السيطرة. وفي الهواء تقف مؤسسات الدولة المصرية بعد حصارها وتصفيتها كما نشهد الآن ما يحدث مع القضاة وما حدث قبله مع الجامعة والتعليم العالي والأولي والعام والأزهر والثقافة وشتي الروابط والاتحادات العمالية والمهنية ومع تصفية القطاع العام وأملاك الدولة ..إلخ. لن يتبقى من التركة إذن إلا جزء واحد فقط يمكن السيطرة عليه وهو الكم الشعبي الفقير والخامل والمطيع بعد إبادة كل مؤسسات وقوي الفعل ، وهذا هو الجزء الوحيد الذي سوف تعطى للورثة للسيطرة عليه ولكن هنا أيضا فإن السيطرة لن تكون حرة بل مقيدة لأنها سوف تكون مشروطة بدقة تنفيذ سياسات ومخططات الغرب للتحكم في هذا الجزء الفقير من التركة. وسوف يكون دور الورثة هو إدارة هذا الجزء ليس من خلال وضع سياسات بل فقط من خلال أجهزة القمع والكبت والسيطرة الآنية لإجبار هذا الجزء على الانصياع لما هو موضوع خارج الحدود، وبقدر ما يتحقق هذا الجانب من المخطط سوف يكون الحكم على الورثة وتحديد جدارتهم بالاستمرار إلى أجل معين. والخلاصة أن الورثة لن يكونوا حكاما مطلقين إلا على الشعب المصري الذي يحول إلى بروليتاريا رثة ولن يحكموا شيئا أخر بعد ضرب مؤسسات الدولة والانقلاب عليها وبعد انفصال ثم عودة القوي المسيطرة فعلا ، والسيطرة علي الجزء البروليتاري من الشعب سوف تكون مشروطة وقاصرة علي القهر والإكراه والقمع لن يكون للورثة من دور إلا دور الملتزم والمرشد ( ارجعوا للتاريخ ) ولن تكون للملابس الأنيقة والرطانة بالإفرنجية التي يتباهون بها أي دور.
|